قصة "تحويل خاطئ"… تبيّن أنها مسرحية رخيصة
نشرت الصفحة رواية مفادها أن موظفة في مكتب لتحويل الأموال ارتكبت خطأ فأرسلت مبلغًا إلى رقم يعود لشخص يُدعى أحمد فقيه، وأن الأخير – وفق ادعائها – سحب المال ورفض إعادته. ولم تكتفِ الصفحة بذلك، بل سارعت إلى نشر صورة الرجل، طالبةً من المتابعين "التعرّف إليه"، في مشهد أقرب إلى الملاحقة العلنية منه إلى أي ممارسة إعلامية محترفة.
وبينما انتشر الخبر كالنار في الهشيم، كان الواقع مختلفًا تمامًا.
أحمد فقيه خرج إلى العلن بموقف نادر في جرأته، فكذّب الرواية بالكامل، مؤكّدًا أنه لم يتسلّم أي رصيد، وأن جهة – وصفها بـ"العصابة" – بدأت تتواصل معه مدّعيةً أنها حوّلت إليه مبلغًا صغيرًا، قبل أن تتدرّج عملية الابتزاز وصولًا إلى طلب 100 دولار إضافية مقابل حذف المنشور.
الابتزاز "على عينك يا دولة"
وفق معلومات "ليبانون ديبايت"، ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها. فقد تبيّن أن الصفحة تعتمد الأسلوب نفسه في غالبية القصص المشابهة: نشر اتهامات خطيرة بلا أي دليل، ثم فتح باب المساومة. وفي حال تواصل الشخص معهم لحذف المنشور، يأتيه الجواب: "بدّك نشيل المنشور؟ ادفع."
مصادر مطلعة أكدت لـ"ليبانون ديبايت" أن عدة ملاحقات قضائية قُدّمت بحق الصفحة، إلا أنها بقيت عالقة في الأدراج، ما عزّز لدى القائمين عليها شعورًا بأنهم فوق المحاسبة. وبالفعل، هم يتصرّفون كذلك.
من منصة "نصرة المظلومين" إلى ماكينة تشهير
تحوّل أداء "وينيه الدولة" بات فاضحًا: من صفحة تُعرّف نفسها بأنها صوت المحرومين، إلى منصة تتاجر بأعراض الناس وتستغل جهلهم وخوفهم من الفضيحة.
فقيه يلجأ إلى القضاء… والدولة غائبة
أحمد فقيه قرّر رفع شكوى ضد الصفحة، في خطوة تُعدّ موقفًا شجاعًا في وجه ماكينة تشهير اعتاد كثيرون التراجع أمامها خوفًا من الضرر المعنوي. لكن يبقى السؤال: هل ستسلك الشكوى مسارها الطبيعي؟ أم ستلحق بمصير سابقاتها التي نامت في الجوارير؟
وختامًا… من يحاسب من؟
أمام هذا الكمّ من المخالفات، يتكرّر السؤال الذي تطرحه الصفحة على الآخرين… لكن هذه المرة بحقّها هي: "وينيه الدولة؟"
فما يحصل لم يعد مجرّد تجاوز إعلامي، بل ابتزاز منظّم وإساءة لسمعة الناس، تحت شعار "محاربة الفساد" و"نشر الحقيقة".
هل نحن أمام الحقيقة الوحيدة التي تكشّفت اليوم: أنّ صفحة "وينيه الدولة" باتت هي نفسها قضية فساد يجب على الدولة التصدّي لها قبل أن تتحوّل إلى سلطة فوق القانون؟ وحتى ذلك الحين، سيبقى السؤال معلّقًا… وينيه الدولة؟