عقدت روابط التعليم الرسمي في لبنان (الثانوي، المهني، والأساسي) مؤتمرًا صحافيًا في مركز الروابط – الأونيسكو، تلا خلاله رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي جمال العمر بيانًا، استهلّه بالترحيب بزملائه في تجمع روابط القطاع العام، موجّهًا كلمته إلى الرأي العام التربوي والإعلاميين والمسؤولين، معتبرًا أن هذا الحضور يعكس الإيمان برسالة التعليم وقضية المعلم.
وشدد العمر على أن الروابط التعليمية ترفع موقفها “بأعلى الصوت”، مؤكدًا أنها ليست في موقع الرجاء ولا تسعى إلى الوعود، بل تطالب بحقوقها، محذرًا من أن تجاهل هذه المطالب اليوم سيؤدي إلى تصعيد أقسى لاحقًا. وأضاف أن الروابط تتحمل مسؤولية تاريخية وتدرك خطورة المرحلة، ولن تسمح بتضييع حقوق الأساتذة والمعلمين أو التفريط بها، معتبرًا أن ذلك خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
وأشار إلى أن حالة الإنهاك تخطّت كل حدود الاحتمال ووصلت إلى نقطة اللاعودة، لافتًا إلى أن القضية لم تعد مطلبًا فئويًا ضيقًا، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية للدفاع عن بقاء المدرسة والثانوية والمعاهد الرسمية، وحماية مستقبل مئات آلاف الطلاب الذين لا بديل تعليميا لديهم. وأكد أن الهدف لا يقتصر على استعادة الحقوق، بل يتعداه إلى إنقاذ التعليم الرسمي من الانهيار.
وأكد أن الروابط الثلاث تطالب الحكومة والجهات المعنية باتخاذ خطوات عملية واضحة ضمن مهلة لا تتجاوز شهرًا، تشمل تحسينًا فوريًا للأجور، ووضع جدول زمني لتصحيح الرواتب، واعتماد آلية دفع شفافة ومنتظمة، محذّرة من الانتقال إلى مراحل تصعيدية أشد وأوسع في حال عدم الاستجابة.
ونقلت الروابط عبر الإعلام جملة مطالب، أبرزها أن الأساتذة والمعلمين لم يعودوا قادرين على القيام بواجباتهم في ظل تآكل الرواتب وفقدان أكثر من 90% من قيمتها الشرائية، فيما بات الدخل الشهري لا يكفي سوى لأيام قليلة، في ظل تضخم تجاوز 7200%. كما شددت على أن إنقاذ التعليم الرسمي يبدأ بإنصاف الأستاذ، ضمن خطة إنقاذ وطنية فورية وشاملة يكون فيها المعلم أولوية.
وطالبت بتصحيح الرواتب فورًا من خلال سلسلة رتب ورواتب تعيد للقيمة الشرائية ما فقدته قبل عام 2019، وبمنح المتقاعدين المدنيين والعسكريين والإداريين زيادة على الرواتب تصل إلى 50% من قيمتها قبل 2019، إضافة إلى رفع أجر ساعة التعاقد بنسبة موازية لزيادة رواتب وأجور الملاك.
وأكد العمر أن الروابط لم تبتعد عن التفاوض، بل كانت وما تزال في صلبه، وفتحت قنوات التواصل مع الكتل النيابية ووزيرتي التربية والمالية وسائر الجهات المعنية، مع الإبقاء على الحوار رغم ما وصفه بالإهمال.
ووجّه رسالة مباشرة إلى الحكومة اللبنانية ووزارتي المالية والتربية، محمّلًا إياها المسؤولية التنفيذية والمالية والتربوية، معتبرًا أن سياسة المماطلة جريمة بحق التعليم، وأن تجاهل معاناة الأساتذة خيانة لرسالته، محذرًا من أن التصعيد سيكون مفتوحًا ومتدرجًا في حال استمرار هذا النهج.
ودعا العمر باسم الروابط التعليمية جميع الزملاء إلى الإضراب العام والتظاهر أمام مراكز وزارة المالية في المحافظات، وأمام وزارة المالية في ساحة رياض الصلح لمحافظتي بيروت وجبل لبنان، يوم الأربعاء 17 كانون الأول 2025، معتبرًا أن السكوت بات تواطؤًا وأن النزول إلى الشارع أصبح واجبًا نقابيًا وأخلاقيًا.
وختم بتوجيه تحية للأساتذة أصحاب “الصوت الصادق”، مثنيًا على التزامهم بقضية المعلم، ومحذرًا في نداء أخير أصحاب القرار من “الانفجار”، مؤكدًا أن المعالجة واجب لا يحتمل التأجيل، وإلا فإن الخطوات التصعيدية المقبلة ستكون أكثر قسوة، ولن يكون الهدف سوى ضمان حق المعلم في العيش بكرامة.