"ليبانون ديبايت" - فادي عيد
تختصر الأجواء التي سبقت ورافقت وتلت الزيارة التي قام بها الرئيس المكلّف سعد الحريري إلى الفاتيكان، صورة الواقع السياسي اللبناني المعلّق على محور المواجهة القائمة بين الحريري من جهة، ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل من جهة أخرى، كما تكشف في الوقت نفسه "زيف" المعارك الدائرة تحت عناوين برّاقة، مثل استرداد أموال المودعين المهرّبة إلى الخارج بالأمس، وقبلها عنوان حماية ثروة لبنان البحرية، وقريباً عنوان جديد يجري التحضير له تزامناً مع إعلان المجتمع الدولي "غَسل يديه" من الدم اللبناني، في ضوء حالة اليأس المنتشرة من إمكان توافر إرادة لبنانية على التسوية، ولو بالحد الأدنى.
لذا، فإن الخلاصة الأولية بعد عودة الرئيس المكلّف من الفاتيكان، وفي ظل عمليات التضليل المنسّقة للتصويب على محادثات الحريري، كما يقول نائب على تماس مع الحراك "الحكومي"، أن الحريري قد نجح في تحريك المياه الراكدة بعدما دفع من وصفهم ب"المعرقلين"، إلى الخروج عن قرار العمل من وراء الكواليس، وبالتالي، الإعلان صراحة عن الأهداف والخطط المرسومة للمرحلة المقبلة، وفي مقدّمها "تسريع الإنهيار"، وإعداد السيناريوهات الهادفة إلى قلب المعادلات الداخلية، والتي تبدّلت مواعيدها بسبب اللحظة الإقليمية الداهمة.
وفي مقدمة التحدّيات التي ستواجه معرقلي الحكومة الجديدة، يضيف النائب نفسه، التوتّر الإقليمي وانزلاق الوضع الأمني إلى مستويات بالغة الحساسية نتيجة الإنهيار المتسارع، والذي فرض أجندة خاصة سوف تدفع فريقي تأليف الحكومة، كما الأفرقاء الذين يكتفون بممارسة دور المراقب بانتظار تحقيق المكاسب على المدى الزمني البعيد، إلى تغيير استراتيجيتهم والمبادرة إلى القيام بدور فاعل من أجل توفير المخرج المناسب للأزمة التي تدور في حلقة مفرغة من الإتهامات.
وعليه، يكشف النائب نفسه، أن ما سمعه الرئيس الحريري في الفاتيكان، قد عكس القلق من أن ينجرف الوضع اللبناني إلى صراعات المنطقة، بينما قدرته على الصمود تبدو ضئيلة جداً، كما أن السلطة فيه تبقى عاجزة عن اتخاذ أية مبادرة لإطلاق خطة لإنقاذ لبنان والنأي به عن كل ما يحيطه من تجاذبات، حيث أن الموقف الذي عبّر عنه قداسة البابا لدى استقباله الرئيس الحريري في الفاتيكان، لم يتطرّق إلى أي تفصيل يتصل بالواقع اللبناني الداخلي، باستثناء التشديد على أهمية تشكيل الحكومة كمعبر إلزامي لكي يتّجه نحو الإستقرار، وذلك خلافاً لكل ما يتم التداول فيه عن قلق لدى الفاتيكان على أوضاع المسيحيين بشكل خاص، بل إن الخشية تتعاظم حول مصير لبنان إذا استمرّ التأخير في الإصلاح وفي الإبتعاد عن كل المحاور، وبقيت جهود تأليف الحكومة تراوح مكانها.
وبالتالي، لم يتم تسجيل أي تعارض أيضاً مع المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون من بيروت، والتي لا تزال تشكّل الأساس لكل المشاورات التي سُجلت خلال الأشهر الماضية، ولكنها توقفت عند حدود الخلافات السياسية اللبنانية الداخلية.
من هنا، فإن القلق الذي عبّر عنه قداسة البابا في مواقفه المعلنة في العراق، كما في بيانات الفاتيكان حول لبنان، لا يرتبط بمسائل تفصيلية، بل يتخطاها إلى الخوف على مستقبل لبنان، ولذلك، فإن الفاتيكان سيسعى، ومن خلال اتصالاته مع عواصم القرار الغربية، على الدفع باتجاه دعمه، خصوصاً على مستوى المساعدات التي تسمح للبنانيين من الإستمرار والصمود في وجه الخطر الداهم، علماً أن الوصول إلى تحقيق هذا الهدف متّصل بشكل وثيق بعملية تأليف الحكومة في الدرجة الأولى.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News