بعد النقاش في الأمم المتحدة، أعلنت إيران مساء السبت عن قرارها وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك عقب اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي مساء أمس لمناقشة مسودة قرار تتعلق بإعادة فرض العقوبات عليها.
القرار جاء في وقت تتصاعد فيه المواجهة مع الغرب، حيث انطلقت العملية بعدما أعلنت حكومات أوروبية أن طهران لم تلتزم بالاتفاق النووي الموقَّع عام 2015. وأكد وزراء أوروبيون في رسالة بتاريخ 28 آب أن تصرفات إيران لم تترك خياراً سوى تفعيل آلية “سناب باك”، مشيرين إلى أن إيران تمتلك أكثر من 8,400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب، أي ما يعادل أربعين ضعف الحد المسموح، بينها مئات الكيلوغرامات المخصبة بنسبة 60%. وقالت وزارة الخارجية الألمانية الأربعاء الماضي إن “إيران لم تتخذ بعد الإجراءات المعقولة والدقيقة المطلوبة لتمديد القرار 2231”.
في التصويت بمجلس الأمن، عارضت تسع دول رفع العقوبات عن إيران، فيما أيدت أربع دول، بينما امتنعت غينيا وكوريا الجنوبية. روسيا، عبر ممثلها الدائم في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، اتهمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بانتهاك صارخ للإجراءات الخاصة بمراجعة حالات الخلاف في إطار الاتفاق النووي. من جانبه، اعتبر فو كونغ، المندوب الدائم للصين في مجلس الأمن، أن “الدول الأوروبية الثلاث (E3) لا تملك الحق في تفعيل آلية السناب باك”، مضيفاً: “هنا لديكم مثال واضح على أن شركاءنا الأوروبيين يرفضون الدبلوماسية ويفضلون لغة الابتزاز والترهيب”.
السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوارد، وصفت القرار بأنه “خطوة أساسية في عملية إعادة فرض العقوبات وفقاً للقرار 2231”، مؤكدة أن لندن ملتزمة بالسعي إلى حل دبلوماسي يضمن أن إيران “لن تسعى أو تمتلك أو تطور سلاحاً نووياً”. وأضافت: “لهذا السبب، في 28 آب، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا المجلس بعدم التزام إيران الواضح والمتعمد”.
أما السفيرة الأميركية بالإنابة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، فقالت: “إيران خصبت اليورانيوم بما يتجاوز بكثير قيود خطة العمل المشتركة الشاملة، بطريقة لا هدف مدني موثوق لها”. وأوضحت أن “الأثر العملي لمشروع القرار هو أنه، في غياب أي إجراء آخر من المجلس، ستُعاد عقوبات الأمم المتحدة على إيران، التي كانت قبل 2015، بعد انقضاء فترة الـ30 يوماً في 27 أيلول”. لكنها شددت على أن “الطريق إلى الدبلوماسية ما زال مفتوحاً”، مضيفة: “للتوضيح، تصويتنا على هذا القرار لا يغلق الباب أمام دبلوماسية حقيقية، رغم كل التصريحات التي تزعم العكس”.
بدوره، وصف سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إيرواني، قرار مجلس الأمن بأنه “متسرع وغير ضروري وغير قانوني”. وأضاف: “هذه الخطوة المتهورة تقوض الحوار من دون اللجوء إلى العدوان وتخلق سابقة خطيرة”. واتهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث بالتنسيق مع إسرائيل لترويج “مزاعم كاذبة بأن البرنامج النووي الإيراني يهدد السلام والأمن”. وأكد أن “إيران هي من ستقرر مع من وعلى أي أساس تتواصل”، وذلك بعدما دفعت الدول الغربية طهران إلى التواصل مع واشنطن والوكالة الدولية لتفادي إعادة فرض العقوبات.
في موازاة ذلك، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن وزير الخارجية عباس عراقجي أجرى اتصالاً هاتفياً مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، كما يعتزم الاجتماع مع نظرائه الأوروبيين في نيويورك الأسبوع المقبل. وأكدت الخارجية الإيرانية بعد القرار أن “إجراءات الدول الأوروبية الثلاث في مجلس الأمن الدولي غير قانونية، غير مبررة واستفزازية، وتضر بشكل خطير بالجهود الدبلوماسية المستمرة”، مشددة على أن طهران “تحتفظ بحقها في الرد بشكل مناسب على أي إجراء غير قانوني”.
من جهته، كتب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على منصة “إكس”: “مجلس الأمن الدولي صوت اليوم على إعادة فرض عقوبات شاملة على إيران، التي ستدخل حيز التنفيذ في 28 تشرين الأول. برنامج إيران النووي ليس مخصصاً لأهداف سلمية. امتلاك إيران لسلاح نووي يعني أن أخطر نظام في العالم سيملك أخطر سلاح، ما سيزعزع الاستقرار والأمن الدوليين بشكل دراماتيكي. هدف المجتمع الدولي يجب أن يبقى ثابتاً: منع إيران من الحصول على قدرات نووية على الإطلاق”.
أما سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، فرأى أن “اليوم تقدمنا خطوة إضافية نحو فرض العقوبات على إيران”، مضيفاً: “من الجيد أن العالم استيقظ وانضم إلى المعركة ضد عنف إيران وإرهابها تجاه العالم الغربي. دولة إسرائيل لن تسمح بتهديد نووي من إيران”.